في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط على «حزب الله» بشأن رفض قتاله في سوريا، وإعلان رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، أن لا مبرر لقتال الحزب في سوريا، وأن وجهة سلاحه يجب أن تكون الجنوب، يبرز صمت رئيس المجلس النيابي نبيه بري، إزاء هذا القتال، وهو ما يُفسّر حتى اللحظة موافقة ضمنية على ما يقوم به الحزب من قتل للسوريين.
وفي حين يُنظر إلى موقف عون على انه مدروس وليس سوى مزايدة مسيحية، خصوصا في ظل رفض السواد الأعظم من المسيحيين لمغامرات «حزب الله»، فإن «لغز» سكوت الرئيس بري، يحمل في طياته تكهنات كثيرة، فهل فعلا الرئيس بري ضد قتال «حزب الله» في سوريا؟ ام ان الرئيس بري، يغطي بصمته، قتال «حزب الله» غير المبرر في سوريا؟
معلومات خاصة جداً، نقلاً عن شخص مقرّب من الحزب تشير لـ «اللواء» إلى أن لقاءً سرياً، عُقد بعيدا عن الاضواء قبل فترة على مستوى قيادتي «حزب الله» و«حركة أمل» بحضور كل من أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله، ورئيس «أمل» نبيه بري، جرى في خلاله البحث في القضايا «الملتهبة»، ولا سيما الملف السوري، ولقد كانت الآراء متطابقة، بين الجانبين حول أهمية بقاء الرئيس السوري بشار الأسد على رأس السلطة في سوريا، لاعتبارات دينية وسياسية، أما الاعتبارات السياسية فلها صلة بالصراع العربي - الإسرائيلي، وضرورة أن يبقى محور الممانعة رأس الحربة في هذا الصراع، أما الاعتبارات الدينية فلها صلة، كما يروج «حزب الله»، بالدفاع عن المقدسات والمقامات الشيعية في سوريا،  ولكن على ما يبدو أبعاد هذا القتال، تتعدى هذا التبرير لتصل في أنحاء منها، إلى بعد عقائدي يتخذ شكلاً مذهبياً، على اعتبار أن ما يجري في سوريا، وفق ما قيل في ذلك اللقاء على لسان قيادات في «حزب الله» يتصل بما يؤمن به الشيعة من ظهور للإمام المهدي.
«اللواء» حاولت الاستفسار عن موقف الرئيس بري، فاتصلت بعدد من النواب والمسؤولين في «حركة أمل» الذين رفضوا التعليق على الموضوع، مكتفين بالقول: «هذا الأمر متروك للرئيس بري وهو سيعلنه في الوقت المناسب»، علماً ان الرئيس بري اعلن منذ اليوم الأول للازمة السورية، ان ما تتعرض له سوريا هو حرب ممنهجة لإقصائها من المعادلة الإقليمية والدولية بحكم الدور الممانع الذي تلعبه في وجه المحور الإسرائيلي - الأميركي.
لكن ما يزيد الاعتقاد بأن الرئيس بري ليس بعيدا عن أجواء «حزب الله» هو تماهي جزء كبير من قاعدته الشعبية مع موقف الحزب، لأن باعتبارهم «جبهة النصرة» تريد القضاء على الشيعة، عبر استهداف مقام السيدة زينب، وعلى هذا الأساس، بحسب المراقبين، لا يمكن للرئيس بري إغضاب جمهوره أو أن يسبح خارج التيار. 
ولأن صمت الرئيس بري، يبدو في نظر الكثيرين، موافقة غير معلنة لقتال «حزب الله» في سوريا، يدعو العلامة السيد علي الأمين، عبر «اللواء»، القيادات الشيعية من السياسيين والروحيين إلى الخروج عن الصمت إلى التعبير الواضح والموقف الصريح الرافض لتدخل حزب الله وغيره في القتال على الأراضي السورية، مضيفا:ً «لا تقتصر هذه الدعوة على القيادات الشيعية، فقد طالب بعض القيادات الإسلامية في لبنان بعقد مؤتمر وطني جامع يتم الإعلان فيه عن رفض تدخّل أي فريق لبناني في القتال الدائر على الأراضي السورية تحت مختلف الشعارات».
وعلى اعتبار أن الدماء التي تسيل في سوريا، وفق السيد الامين، هي دماء غالية وعزيزة، فانه يطالب بالعمل على وقف سفك تلك الدماء «بحيث لا يجوز أن نكتفي بتشييع الذين يُقتلون هناك، وكأن الأمر لا يعنينا، ولذا فان المسؤولية الأولى في ذلك تقع على عاتق الموجودين في مواقع السلطة، ولذلك فقد طالبت قبل مدّة بخروج مراجع الدين في العراق وغيره من الدول العربية والإسلامية عن صمتهم وهم يرون ويسمعون بذهاب أبنائهم - الذين يرجعون إليهم في معرفة أحكام الدين - إلى القتال على الأراضي السورية والدخول في فتنة عمياء فيها خسران الدنيا والدين».
ولذلك، ولكي لا تقع الفتنة الكبرى، يرى العلامة الامين انه بات لزاماً على «حزب الله» تغيير سياسته، خصوصاً في ما يعود إلى التدخل بالأحداث السورية «لأن ساحة جهادنا هي الدفاع عن وطننا من هجمات الأعداء وليست في القتال على ساحة الأهل والأشقاء، من هنا علينا كلبنانيين الحفاظ على عيشنا المشترك ووحدتنا الوطنية لتجنب الفتنة التي يُراد لها أن تنتقل إلى لبنان والمنطقة كلها، وبهذا نكون قد ابتعدنا عن سياسة الارتباط بالمحاور الخارجية من إيران وغيرها».